حراس العقيدة
عدد المساهمات : 56 تاريخ التسجيل : 30/09/2009 العمر : 40
| موضوع: إخلاص النية الجمعة ديسمبر 25, 2009 6:49 pm | |
| إخلاص النيـّــة
إخلاص النيّـــة هو لب العبادة وشرط قبول الأعمال عند الله تعالى، وفساد النيّة وبال على صاحبه في الدنيا والآخرة. ولمعرفة حقيقة هذا الأمر وعِظم شأنه نذكر عدة مسائل لبيانه، وهى: 1 ــ تعريف النيّة. 2 ــ حقيقة النيّة. 3 ــ محل النيّة.
أولا ــ تعريف النيــّـة: يقال نوى الأمرَ نيَّة: أي قصدَهُ وعزم عليه، فالنيَّة: هى الإرادة والقصد، ولما كان محلها القلب، فالنيّة هى (قصد القلب وإرادته). هذا هو التعريف المختار من مجمل تعريفات أهل اللغة وأهل الفقه والحديث للنية، وانظر (مجموع فتاوي ابن تيمية) جـ 18 صـ 251. وعَرَّفها البيضاوي بقوله (النيّة عبارة عن انبعاث القلب نحو مايراه موافقاً لغرض ٍ من جلب نفع أو دفع ضرٍّ حالاً أو مآلاً) (فتح الباري) جـ 1 صـ 13. أما الإخلاص فهو أخص من النيّة، وهو أحد أقسامها، فكل إخلاص ٍ نيّة ٌُ، وليست كل نية إخلاصاً، كما سيأتي بيانه إن شاء الله في الكلام في أقسام النية وما بعده. (فائدة): لم يرد لفظ (النيّة) في القرآن وإنما في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، أما القرآن فقد وردت فيه ألفاظ أخرى بمعنى النية، ومنها لفظ الابتغاء ولفظ الإرادة. قال تعالى (ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله) الآية، البقرة 265. وقال تعالى (وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) الليل 19 ــ 20. وقال تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) الكهف 28. وقال تعالى (من كان يريد العاجلة عجّلنا له فيها مانشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنّم يصلاها مذموماً مدحوراً، ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً) الإسراء 18 ــ 19.
ثانيا ــ حقيقة النيـّـة:
لما كانت النيّة هى إرادة القلب وقصده، فإنه لايتصور وجودها إلا بعلم قبلها، أى علم ٍ بالشيء المراد المقصود ــ سواء كان هذا العلم حقا أو باطلا كالجهل المركب، وسواء كان هذا العلم خيرا أم شراً ــ فإذا علمت النفسُ المرادَ وانعقدت إرادته في القلب، فإن الجوارح تنبعث لتحقيقه وهذا هو العمل وقد يقع العمل أو لا يقع بحسب القدرة عليه. فالخلاصة: أن النية واقعة بين العلم والعمل. وفي بيــان هذا قال أبو حامد الغزالي (اعلم أن النيّة والإرادة والقصد عبارات متواردة على معنى واحد، وهو حالة ٌُ وصفة ٌُ للقلب يكتنفها أمران: علم، وعمل. العلم: يَقْدُمه لأنه أصله وشرطه. والعمل: يتبعه لأنه ثمرته وفرعه، وذلك لأن كل عمل أعني كل حركة وسكون اختياري فإنه لا يتم إلا بثلاثة أمور: علم وإرادة وقدرة. لأنه لا يريد الإنسان ما لا يعلمه فلابد وأن يعلم، ولا يعمل مالم يُرِدْ فلابد من إرادة. ومعنى الإرادة انبعاث القلب إلى مايراه موافقاً للغرض إما في الحال أو في المآل، فقد خلق الإنسان بحيث يوافقه بعض الأمور ويلائم غرضه، ويخالفه بعض الأمور، فيحتاج إلى جلب الملائم الموافق إلى نفسه ودفع الضارّ المنافي عن نفسه، فافتقر بالضرورة إلى معرفة وإدراك للشيء المضر والنافع حتى يجلب هذا ويهرب من هذا ــ إلى أن قال ــ فإذا انبعثت الإرادة انتهضت القدرة لتحريك الأعضاء فالقدرة خادمة للإرادة، والإرادة تابعة لحكم الاعتقاد والمعرفة. فالنيّة عبارة عن الصفة المتوسطة وهى الإرادة وانبعاث النفس بحكم الرغبة والميل إلى ماهو موافق للغرض إما في الحال وإما في المآل. فالمحرّك الأوّل هو الغرض المطلوب وهو الباعث، والغرض الباعث هو المقصد المنوي، والانبعاث هو القصد والنية، وانتهاض القدرة لخدمة الإرادة بتحريك الأعضاء هو العمل.) (إحياء علوم الدين) جـ 4 صـ 384 ـ 385.
ثالثا ــ محل النيــّـة:
النيّة عمل من أعمال القلب، فمحلها القلب باتفاق العلماء، انظر (مجموع فتاوي ابن تيمية، 18/263). والأدلة على هذا كثيرة منها: قوله تعالى (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) البقرة 225. وقوله تعالى (فعلم مافي قلوبهم فأنزل السكينة عليهم) الفتح 18. وقوله تعالى (واعلموا أن الله يعلم مافي أنفسكم فاحذروه) البقرة 235. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله لاينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) رواه مسلم. قال أبو حامد الغزالي رحمه الله (وإنما نظر إلى القلوب لأنها مظنة النيّة) (إحياء علوم الدين) جــ 4 صـ 382.
فإذا كانت النيّة محلها القلب فإنه يترتب على هذا مسألتان:
الأولى: أنه لا يجب التلفظ بها عند الشروع في العمل، بل التلفظ بها بدعة، إذ لم يُؤْثَر في ذلك أثرٌُ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم، انظر (مجموع فتاوي ابن تيمية، 18/263)، فالنيّة عمل القلب لا اللسان. الثانية: هل يؤاخذ العبد بالنيّة المجرّدة من العمل فيثاب عليها أو يُعاقب؟ وهذه المسألة فيها تفصيل يرفع الإشكال الوارد فيها بسبب الأدلة المتعارضة في الظاهر. فقد قال الله تعالى (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) البقرة 225. فمقتضى النص المؤاخذة بأعمال القلب، والنيّة منها باتفاق. والجواب أن أعمال القلب قسمان: أ ــ أعمال قلبية محضة: ككفر الاعتقاد عند المنافق المظِهر للإسلام، وكالحسد فهذه الأعمال يؤاخذ بها العبد إجماعاً. ب ــ أعمال محلها القلب وتتعدى إلى الجوارح: ومنها النية وهى قصد القلب، وهذه لايؤاخذ العبدُ بها إلا إذا بلغت مرتبة العزم، وإذا بلغت هذه المرتبة فلابد أن يظهر أثرها على الجوارح. وبيان هذا أن مايقع بالنفس من القصد والإرادة ينقسم إلى مراتب بحسب قوته، وهى: * أضعفها: الخاطر: وهو مايخطر بالبال ويذهب في الحال وهو من الوسوسة. * وفوقــه: التـــردد (أو حديث النفـــــــس): وهو أن يخطر الأمــر بالبال فتنفِر منه النفس ثم يعاودها فتنفر، وهكذا فلا يستقر. * وفوقــــه: الهَمّ: وهو أن تميل النفــــس ُ إلى الأمر ولاتنفر منه ولكن لايُصمم على فعله، فالهمّ فيه ترجيح لقصد الفعل على تركه مع عدم العزم عليه. * وفوقـــه ــ وهو أعلاها ــ العَزْم: وهو منتهى الهَمِّ، وهو أن تميل النفس إلى الأمر ولاتنفر منه بل يصمم على فعله تصميما جازماً. وهذا العزم سّماه عبدالله بن المبارك رحمه الله: الإصرار، وسّماه أحمد بن حنبل رحمه الله: هَمّ إصرار (وتُسمى المرتبة التي قبله في هذه الحالة: هَمّ خطرات)، وسّماه ابن تيمية رحمه الله: الإرادة الجازمة أو الإرادة التامة. وذكر ابن تيمية رحمه الله أن الإرادة الجازمة إذا وُجِدت معها القدرة وقع المقدور، وإذا وُجدت الإرادة الجازمة فلا يمنع وقوع المقدور إلا العجز، وهنا ذكر ابن تيمية فائدة أخرى: وهى أن الإرادة الجازمة لابد أن تظهر على الجوارح في لفظ أو إشارة أو حركة تعبر عن الإرادة، وإن عجز العبد عن فعل المُراد الأصلي. ويجمع ماسبق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله تجاوز لأمتي عَمّا وَسْوست ــ أو حدَّثت ــ به أنفسها، مالم تعمل به أو تكلَّم) متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه، واللفظ للبخاري (حديث 6664). فهذا الحديث جمع مراتب النية ومايؤاخذ به العبد منها وما لايؤاخذ به: فكل ماهو دون العزم (الإرادة الجازمة) ــ من الخاطر وحديث النفس وهَمّ الخطرات ــ معفو عنه غير مؤاخذ به. أما العزم (الإرادة الجازمة) فمؤاخذ به، ولابد أن يظهر على الجوارح في حركة أو لفظ وهذا هو السِّر في قوله صلى الله عليه وسلم (مالم تعمل به أو تكلّم). فكل عمل أو كلام يُعبِّر عن الإرادة الجازمة ــ وإن لم يكن هو العمل المقصود نفسه بتمامه ــ يجعل العبد في محل المؤاخذة إن خيراً فخير، وإن شراً فشرٌُ، إذ لم يمنعه عن العمل الأصلي إلا العجز. ومما يدل على أن العبد يُجازى على الإرادة الجازمة إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، قوله صلى الله عليه وسلم (إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد ٍ رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي ربه فيه ويصل به رحمه، ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازلِ، وعبد ٍ رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالاً لعملتُ فيه بعمل فلان فهو بنيّته فأجرهما سواء، وعبد ٍ رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً يخبط في ماله بغير علم، لايتقي فيه ربه ولايصل فيه رحمه، ولايعلم لله فيه حقاً، فهو بأخبث المنازل، وعبد ٍ لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته فوزرهما سواء) رواه الترمذي ــ واللفظ له ــ وابن ماجة عن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه، وصححه الترمذي. وفي هذا الحديث نصَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الرجلين الثاني والرابع استحقا الثواب والإثم ــ على الترتيب ــ بمجرد النيّة (فهو بنيّته....)، والمقصود بها الإرادة الجازمة التي ظهرت من كلا الرجلين في كلام تكلماه، وهو قول كل منهما (لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان)، فاستحقا الجزاء كاملا وإن لم يعملا العمل المراد بتمامه. وهذا الكلام يُقال أيضا في قوله صلى الله عليه وسلم (من سأل الله الشهادة بصدق بلَّغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه) رواه مسلم. فهذا نال الثواب (بلوغ منازل الشهداء) وإن لم يقع منه العمل المراد (الشهادة) بنيّته (إرادته الجازمة) التي ظهرت في لفظ (سأل الله الشهادة بصدق). وهذا يُقال أيضا في الحديث المتفق عليه عن أبي بكرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)، فقلت: يارسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟، قال (إنه كان حريصا على قتل صاحبه) أهـ. ففي هذا الحديث استحق المقتول الوزر بإرادته الجازمة على قتل صاحبه، تلك الإرادة التي ظهرت في فعل ــ وهو المقاتلة ــ وإن لم يفعل المراد بتمامه وهو قتل صاحبه. ولايخفى أن الوعيد في هذا الحديث هو في حق من قاتل قتالا غير مشروع، أما مَنْ قاتل قتالا مشروعا كمن قاتل البغاة أو الخوارج أو الصائل فلا يدخل في هذا الوعيد بل هو مثاب مأجور. كما أن الوعيد في هذا الحديث معلّق على المشيئة كما قال تعالى (ويغفر مادون ذلك لمن يشاء) النساء، حسب القواعد المقررة في مذهب أهل السنة في أصحاب الكبائر. وقِسْ على هذا جميع النصوص التي رتبت الجزاء على النيّة المجردة من العمل المراد الأصلي، فلابد من ظهــور النيّــة (الإرادة الجازمــة) في قــول أو حركــة ليترتّب الجـــزاء. ومادون ذلك من مراتب القصد (كالخاطر وحديث النفس) فلا يؤاخذ به العبد. ومن أراد مزيد بيان في هذه المسألة يراجع المصادر التالية: (مجموع فتاوي ابن تيمية) جـ 10 صـ 720 ــ 768 و جـ 7 صـ 132 ــ 138 و صـ 340 ــ 341 و صـ 525 ــ 527، وجـ 6 صــ 574 ــ 575، و جـ 14 صـ 122 ــ 128. و(فتح الباري) لابن حجر، جـ 11 صـ 323 ــ 329، وصـ 552. و(الأشباه والنظائر الفقهية) للسيوطي، ط دار الكتب العلمية 1403هـ، صـ 33 ــ 34. وللسيوطي رحمه الله كتاب (الأشباه والنظائر في النحو)، وهو غير المقصود هنا. منقول بتصرف يسير
| |
|
مريم الحقيقة Admin
عدد المساهمات : 855 تاريخ التسجيل : 25/05/2009
| موضوع: رد: إخلاص النية الإثنين ديسمبر 28, 2009 8:12 am | |
| اللهم اجعل جميع اعمالنا خالصة لوجهك تعالى
امين
بورك فيك وجزاك الجنة
| |
|
ممدوح السروى
عدد المساهمات : 169 تاريخ التسجيل : 30/10/2009
| موضوع: رد: إخلاص النية السبت يناير 09, 2010 6:52 am | |
| جوزيت خيرا فى الدنيا والاخرة | |
|
جوهره Admin
عدد المساهمات : 69 تاريخ التسجيل : 15/06/2009
| موضوع: رد: إخلاص النية السبت يناير 09, 2010 9:12 am | |
| بارك الله فيكم ورزقنا واياكم الاخلاص
| |
|