بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أربع قواعد من قواعد الدين التي تدور الأحكام عليها وهي من أعظم ما أنعم الله تعالى به على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته حيث جعل دينهم ديناً كاملا وافياً أكمل وأكثر علماً من جميع الأديان ، ومع ذلك جمعه لهم سبحانه وتعالى في ألفاظ قليلة وهذا مما ينبغي التفطن له قبل معرفة القواعد الأربع وهو أن تعلم قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر لنا ما خصه الله به على الرسل يريد منا أن نعرف نعمة الله ونشكرها قال لما ذكر الخصائص : (( وأعطيت جوامع الكلم )) قال إمام الحجاز محمد ابن شهاب الزهري : معناه أن الله يجمع له المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة .
القاعدة الأولى : تحريم القول على الله بلا علم لقوله تعالى : (( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ )) إلى قوله : (( وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ )).
القاعدة الثانية : أن كل شيء سكت عنه الشارع فهو عفو لا يحل لأحد أن يحرمه أو يوجبه أو يستحبه أو يكرهه لقوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ )) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها )) .
القاعدة الثالثة : أن ترك الدليل الواضح ، والاستدلال بلفظ متشابه هو طريق أهل الزيغ كالرافضة والخوارج قال تعالى : (( فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ )) والواجب على المسلم اتباع المحكم وإن عرف معنى المتشابه وجده لا يخالف المحكم بل يوافقه وإلا فالواجب عليه اتباع الراسخين في قولهم : (( آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ))
القاعدة الرابعة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر : (( أن الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات )) فمن لم يفطن لهذه القاعدة وأراد أن يتكلم على مسألة بكلام فاصل فقد ضل وأضل .
فهذه ثلاث ذكرها الله في كتابه والرابعة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم .
واعلم رحمك الله أن أربع هذه الكلمات مع اختصارهن يدور عليها الدين سواء كان المتكلم يتكلم في : علم التفسير ، أو في علم الأصول ، أو في علم أعمال القلوب الذي يسمَى علم السلوك ، أو في علم الحديث ، أو في علم الحلال والحرام والأحكام الذي يسمى علم الفقه ، أو في علم الوعد والوعيد ، أو في غير ذلك من أنواع علوم الدين .