تعريف
البوذية: هي ديانة فلسفية وضعية وثنية، ظهرت في الهند بعد الديانة
البرهمية في القرن الخامس قبل الميلاد على يد رجل يقال له: بوذا (1).
بداية البوذية: قامت البوذية في بدايتها على مناهضة الهندوسية البرهمية، التي أغرقت في الشكليات والطقوس.
وكانت
- أي البوذية - متجهة إلى العناية بالإنسان، وراغبة في إيصاله إلى مرحلة
(النرفانا) وهي السعادة القصوى، وذلك عن طريق خشونة العيش، وتعذيب النفس،
وقتل جميع شهواتها، ونبذ الترف، والمناداة بالمحبة، والتسامح، وفعل الخير.
وبعد
موت مؤسسها تحولت إلى ديانة ذات طابع وثني، تقوم على تأليه بوذا، وتأخذ
طابعاً اجتماعياً دينياً يميل إلى الإلحاد، وتختلف باختلاف الأمكنة(2).
مؤسس البوذية:
مؤسس البوذية رجل يُلقب بـ: بوذا، وأما اسمه فهو: سدهارتا، أو سدذارتا.
وبوذا
الذي تنسب إليه هذه الديانة ابن حاكم، وقد ولد في حديقة لومبيني بالقرب من
مدينة كابيلا فاستو في شمال الهند من إقليم نيبال، وذلك سنة 568 قبل
الميلاد
وتختلف تواريخ ميلاده، ولكن ما ذكر هو أرجح الأقوال في تاريخ مولده.
وتتحدث
الأساطير عن مولده وما قبله، وأيام حمله، فتذكر أنه ولد نظيفاً لا كما
يولد الأطفال، بل نزل من بطن أمه وهي واقفة ممسكة بغصن، ولم تشعر بألم،
وكان جسمه نظيفاً كالمرآة، وذكروا له معجزات وكرامات.
أما اسمه فقد سمي سدهارتا، أو سدذارتا - كما مر - ومعناه: الذي حقق أمله.
وأما ألقابه فكثيرة؛ فمنها (شاكياموني) أي حكيم قبيلة شاكياس، و(بسكياموني) أي المعتكف.
ومن ألقابه (تاذاجاتا) ومعناها: الرجل الفائز بالحق، وأما (بوذا) فمعناه: المستنير، أو العالم.
ونشأ
بوذا في بلده على حدود نيبال، وكان أميراً ؛ فشب مترفاً منعماً، وتعلم
الفروسية، وبالغ مؤرخوه في كل صغيرة وكبيرة في حياته حتى زعموا أن أربعة
آلاف راقصة خُصِّصْنَ لإدخال السرور على قلبه، وأن زوجَه منتقاةٌ من
خمسمائة حسناء.
وقد تزوج في السادسة عشرة من عمره، وقيل في التاسعة عشرة بزوجه ياسو اذا بنت أحد زعماء قبيلة كولي وعاش معها سعيداً هانئاً، وأنجبت له ابنه راهولا.
وبعد
عشر سنوات من زواجه صمم على أن يبحث عن الحقيقة مهما كلفه الأمر، وذلك بعد
أن مر عليه صنوف من الآلام، وذلك لما رآه من الأحزان والمصائب.
وعزم على أن يعمل على تخليص الإنسان من آلامه التي منبعها الشهوات، ثم دعا إلى تَبَنِّي وجهة نظره حيث تبعه أناس كثيرون.
وذات ليلة عزم على مغادرة القصر، وهجر زوجته وولده، وهبط إلى الاصطبل، واختار جواده الأبيض وخادمه (شنا).
ويزعمون
أن من معجزاته وهو يتهيأ لفراق القصر أن أبوابه فتحت من تلقاء نفسها، ولم
يُسْمَع صوتُ خطوات جواده؛ حتى إذا انتهى إلى نهر أنوما نزل عن جواده ونزع
ما كان يتزين به من الجواهر، وجزَّ لِمَّتَه بسيفه، وأعطى كل ذلك خادمه،
وأمره أن يعود إلى قصر أبيه، ويخبره بخبره.
ومر به سائل فتبادل معه الملابس.
ثم
انتقل بعد سبعة أيام من شاطئ أنوما، وغادره إلى مدينة إجاجريها عاصمة
الملك بمبيارا ملك مملكة ماجاذا حيث يقيم في كهوف تلال ونديا نساك وقفوا
حياتهم للتأمل والتفكير ودراسة فلسفات الهند القديمة؛ رجاء أن يوفقوا لحل
مشكلة الحياة، ويفكوا ألغازها المغلقة، وقصد الغار الذي فيه الناسكان
ألاراكالاما وأداكا وكانت شهرة ألارا البرهمي واسعة.
وعندما دخل غار ألارا وجده مستغرقاً في تأمله وتفكيره، فوقف في إجلال وصمت بين يديه خاشعاً، وهجست في نفسه خاطرة: "أترى أجد لديه مفتاح السر"؟
بعد
ذلك جلس إليهما، وأخذ منهما ما لديهما، ودرس عليهما أسفار الفيدا،
واليوبانيشاد، واتخذ له كهفاً، وكان موضع إعجاب النساك جميعاً، وطابت له
حياة الزهادة والتقشف، وأرسل إليه والده يطلبه، ولكنه اعتذر، وقد وصل بوذا
إلى درجة عالية وهي مرشد النساك